31 مايو 2023

صناعة المحتوى

كثيرًا ما يرد في حسابات التوظيف (مطلوب صانع محتوى)، فماذا تعني صناعة المحتوى؟ وماهي متطلباتها لكي أكون صانع محتوى؟

حتى تتضح الصورة يجب أن نعرف معنى محتوى، وهو مأخوذ من (حوي) وجمعه محتويات أي مضمون الشيء وما حوى عليه. ويقال: محتوىً شعوريًا، أي: ما يوجد في الذِّهن أو يحسّ به الفرد في لحظة ما، ويمكن أن يفصح عنه بسلوك معيّن (معجم اللغة العربية المعاصرة، 1/ 592).

و(حوى) الشَّيْء حواية استولى عَلَيْهِ وَملكه وَيُقَال حوى الْحَيَّة رقاها فاستسلمت لَهُ (المعجم الوسيط، 1/210). فالمحتوى في اللغة: هو المضمون وما حوى الشيء إي في داخله.

والمحتوى الذي نريده هو:

ما أحتوى عليه الكتاب أو الأوراق أو البرامج التطبيقية في وسائل التواصل الاجتماعي، من نصوص أو صور أو فيديوهات أو روابط، وغير ذلك.

وهذا الاستعمال حديثٌ؛ جاء ليواكب التطور الحاصل في عصرنا الرقمي، فأصبح مرتبطًا بالتسويق والأعمال داخل الشركات والقطاعات الصغيرة والكبيرة، والعامة والخاصة.

- فقد اكتسب أهمية واسعة وأصبحت المنشآت تتنافس على الإبداع فيه ولفت الانتباه وسرقة الأضواء؛ ولذلك يتطلب من كاتب المحتوى أن يكون ذو قدرة عالية على جمع الأفكار وصياغتها صياغة صحيحة خالية من الأخطاء ويملك الأدوات والمهارات المطلوبة لتشكيل النص وفق الأهداف المرسومة له.

ونشير إلى بعض النقاط التي توضح لك أهمية هذه المهنة:

1- يُشير المحتوى المبدع بأن هناك فريق ذو خبرة وكفاءة عالية فتنعكس الصورة إيجابيًا على المنشأة.

2- كلما كان المحتوى إبداعيًا زاد جذب العملاء المحتملين للشراء وتواجدهم بشكل مستمر.

3- يُساعد المحتوى على إيصال الفكرة بصورة كاملة إلى العملاء كافة.

4- لا تخلو أي منشأة من حاجتها إلى كاتب المحتوى، مهما اختلف توجهها: فالتوجه الإخباري يتطلب وجود محتوى يُنْقَل لمستمعيه وكذلك التوجه التعليمي والصناعي والتجاري والزراعي والعقاري وغير ذلك.

5- يُعطي المحتوى الكبير والجديد بِفِكْرِهِ انطباعًا لدى الزوار بأنها منصة ناجحة تستحق الانضمام إليها وخاصة فيما يتعلق بكتابة المدونات والمقالات.

6- هي مهمة لجميع المنشآت وتتطلب قدرًا كبيرًا من الاهتمام ووضعها في الخطة العملية والتسويقية فبدونها لن ينجح أي مشروع أو شركة ما لم يكن كُتاب المحتوى وصُناعه من ضمن الهيكل التنظيمي.

أما المهارات المطلوبة هي: أن يمتلك أدوات الكتابة ومهارة صياغة الكلام وتركيبه؛ ويكتسبها المرء من خلال سعة اطلاعه وقراءاته المتعددة وممارسته المستمرة للكتابة وتطويرها بشكل دائم. بالإضافة إلى ممارسته المستمرة لتطبيقات الإنتاج المرئي والمسموع والتغذية البصرية والفكرية الدائمة.

ما الفرق بين كتابة المحتوى وصناعة المحتوى؟

   أولًا: صناعة المحتوى(content creation):

هو بمثابة الأم التي تظل تحتها بقية الأقسام الأخرى، ونعني به:

كتابة المعلومات الموجه لفئة مستهدفة وتنسيقها داخل وسائط رقمية إما فيديوهات أو صور ونشرها عن طريق الوسائط الأخرى لتصل إلى الجمهور المستهدف.

فصانع المحتوى هو كاتب ومفكر ومبدع. يُنشئ محتواه ضمن إطار الوسائط مستعينًا ببعض التطبيقات المعينة لتصميمه بشكل يلائمه ويخرجه بأفضل شكل ليصل إلى جمهورهِ المستهدف.

صانع المحتوى يكون قادرًا على:

- الكتابة بجميع أنواعها: (مقالات- كتب- أبحاث- منشورات قصيرة أو طويلة – إعلانات- حوارات) وغيرها.

- التصميم كفيديوهات أو صور مستعينًا بتطبيقات التصاميم المختلفة وتحريرها.

- تكون لديه خلفية عالية بمحركات البحث وكيفية النشر فيها وهي التي يطلق عليها : SEO اختصار : search engine optimization وعُربت حديثًا إلى: تهيئة المواقع الإلكترونية لمُحركات البحث. وسنتناولها بالتفصيل في موضعها إن شاء الله.

-  صياغة الفكرة بأكثر من طريقة مثلًا: في الكتابة التسويقية:

الفكرة لشاورما إضافة النكهة الحارة. يقول فيها:

1- تولع أصابعك وراه.

2- طفي نارك مع مشروبك المفضل.

3- انتبه... لا يحرقك

وغيرها من الطرق التي ممكن أن تُصاغ الفكرة فيها.

ويحتاج صانع المحتوى إلى برامج تطبيقية تُساعده على إنجاز محتواه ، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

1- برنامج كانفا(canva): يحتوي البرنامج على العديد من الأدوات السهلة والواضحة في الاستعمال لإنشاء التصاميم والقوالب وكذلك إنشاء قوالب البوربوينت والفيديوهات والصور بطريقة مميزة واحترافية، وهو سهل الاستعمال ومتوفر باللغتين العربية والإنجليزية.

2- برنامج (Hootsuite): هي أداة متعددة الاستخدامات والتي تستخدم لإدارة منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بك. يمكنك استخدام Hootsuite لجدولة المنشورات وتحليل البيانات ومراقبة المحتوى الذي يتم نشره على صفحاتك الاجتماعية.

3- برنامج (unsplash): هي مكتبة صور مجانية يمكنك الاستفادة منها للحصول على صور عالية الجودة والمميزة لإضافتها إلى المحتوى الخاص بك.

4- برنامج (Grammarly): هي أداة تدقيق إملائي ونحوي للغة الإنجليزية، والتي تستخدم للتأكد من أن المحتوى الخاص بك خالي من الأخطاء النحوية والإملائية. يتضمن Grammarly أيضًا ميزات تحسين الأسلوب والتنسيق والتعبير؛ ويحتوي على مميزات إضافية ولكن برسوم مالية.

5- برنامج (Adobe Creative Cloud): هو مجموعة من التطبيقات التي تتيح لك إنشاء تصاميم فريدة وإنتاج محتوى جذاب. تتضمن المجموعة التطبيقات مثل Photoshop وIllustrator وInDesign وPremiere Pro وغيرها.

6- برنامج (serp simulator): وهو برنامج يعينك على معرفة إن كان طول العنوان يتناسب مع محركات البحث أو يجب أن يكون أكثر اختصارًا.

7- برنامج ( incognito): يوجد لصانع المحتوى أكثر الكلمات الرئيسية المناسبة لاستعمالها في العنوان وفي متن المحتوى. ويشابه برنامج : google trends  أو keywords planner.

 ثانيًا: كتابة المحتوى:

كتابة المحتوى تشمل جميع أنواع الكتابات التسويقية والأكاديمية والقانونية وغيرها بأنواعها المختلفة كالمقالات والعروض التقديمية والتقارير والبحوث، وهي جزء من صناعة المحتوى وأساسي فيه؛ وتكون بطريقة سليمة وصحيحة تخلو من الأخطاء الإملائية والنحوية سواء بالعربية أم بلغة أخرى. ويتطلب فيها امتلاك قدر كبير من المهارات والأدوات التي تُعين الكاتب في كتابته ليوصل الفكرة التي أرادها بطريقة صحيحة كما هي إلى القارئ أو العميل. ويراعي فيها الفئة المستهدفة إن كان الجمهور صغير أو كبير، عالي المستوى التعليمي أو متوسط أو عامي، ويراعي فيها نوع الألفاظ التي يستعملها بحسب نوع الجمهور، فعلى سبيل المثال:

إذا كان الجمهور شبابي من  عمر 18 وحتى 25؛ فالألفاظ المناسبة لتلك الفئة هي استعمال اللغة البسيط البيضاء وبعض العامية إن كانت الكتابة تسويقية، أما إن كانت الكتابة تعليمية فإنه يراعي الألفاظ الواضحة البعيدة عن الغامض والغريب أو غير المتداول بين هذه الفئة.

وكذلك بالنسبة لعمر الأطفال أو كبار السن، ،وهنا توضيح لنوع الكتابة حسب الفئة العمرية.

لماذا أراعي الفئة العمرية في كتابة المحتوى بجميع أنواعها؟

مهم جدًا مراعاة الفئة العمرية، وإن لم يفعل كاتب ذلك فكأنه ألبس الشاب ثياب الطفل أو العكس!. يجب إنزال الفئة المستهدفة منزلتهم وإعطاءهم حقهم المستحق من الألفاظ والمفردات. ولنا في رسول الله أُسوة حسنة، فقد كان يخاطب الناس على قدر عقولهم وهو أفصح البشر وأعلاهم بيانًا!

ومن المهم جدًا أن يكون المحتوى صادقًا وشفافًا لا خادعًا ومُلفق، فالناس تنفر منه ولا تعود إليه، ولا يجني صاحبه من ذلك كله إلا السمعة السيء

وقد ذكر الدكتور صالح المنجد كلامًا طيبًا حول ذلك يقول:

" إن الإنسان إذا كلم قوماً فإنه يبتغي درجة من الكلام تبلغها عقولهم ويفهمونها. ولا يخاطبهم بالصعب الذي لا يدركون معناه، ولا بغريب الكلام الذي لا يفهمونه. وحتى إذا انتقى أشياء من العلم ينتقي الأشياء الأساسية الواضحة السهلة التي تتقبل، ويترك الأشياء التي قد ينفر منها الناس لغرابتها عندهم، مع أنها قد تكون من الدين، لكن إذا أدى عرضها إلى تكذيب الله ورسوله، كما يفعل بعض العامة إذا عُرِض عليه شيء غريب جداً قالوا: هذا ليس حديثاً، ولا يمكن أن يقول النبي عليه الصلاة والسلام كلاماً مثل هذا، فيؤدي به إلى تكذيب الله ورسوله؛ فعليه أن يجتنبها. ولذلك قَالَ عَلِيٌّ -كما روى البخاري تعليقاً-: " حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟" وهذا شيء يهم الخطباء والدعاة إلى الله عز وجل" انتهى كلامه.